Pages

27 May 2022

الدمية

 في زمن ما .. في الخط الفاصل ما بين الوجود و العدم، يولد من رحم الأحداث شيئ. يفترض أنك تحبه. ترنو إليه. ترعاه كما يرعى الفلاح نبته في أرضه - يخاف عليها الريح العاتية و السيل العرم و الجفاف و الصيهود و العطش: ترويها قطرات دمك لتكبر فتتفتح و يشتد عودها لتصبح باسـقـة مـثـمـرة تفيئ جمالا و بـراءة و تـدر خيرها حباً و سلاما دونما تساؤل و لا تردد.

هكذا أعلم، أو على الأصح هكذا كبرت و تربيت - و أتكلم عن نفسي بالذات خشية أن أتهم بالتعميم و هذا هو مربط الفرس: يبصر المرء حوله فيجد أن الفلاح - الأب - الذي يفترض به الحب و الأمانة يتحول إلى مسخ شيطاني و عشب قميئ يمتص رحيق نـبـتـة بالأمس كانت رعـيـتـه تماما كـصـانع الـدمى يـحـركـهـا بـخـيـوطـه الـخـبـيـثـة كيفما و أنّـى شاء فيما المولود الذي لم يعد رضيعاً يـعـلـم بالحرف ما يجري و يمضي إلـيـه قـانـعـاً طـائـعـا - و أفـيـونـه المميت يـصـيـح بـه: إنـهـم أهـلـي. و المصيبة الكبرى تأتي حين تـخـلـع الأقـنـعـة و تـتـعـرى الـوجـوه و تـدور الـدوائـر و تـنـعـكـس الآيـة: حـيـنـذاك يـغـلـب الـطـبـع على الـتـطـبع و تـبـرز الأنـيـاب الـوحـشـيـة تـروِّل و تـزبـد و تـرعـد  و إزميل المـعـلـم الـذي صـنـع بالأمـس يـصـيـر خـنـجـرا مـسـمـوما عـنـد أول بـادرة أمر يتيح لهذا المخلوق الجميل الخالص النقي البريئ الذي صنعه هو بالأمس أن يمضي سبيله في دورة الحياة - حياته - لا حـيـاة الـفـلاح و حـيـواة كل الـحـشـرات الـبـائـتـة في أرضه تـمـتـص إكـسـيـر الـحـيـاة مـنـهـا و هي في مـكانها قـابـعـة لـيـسـت أكـثـر و لا أقل من دمـيـة بـخـيـوط تـمـشـي حـيـث تـسـاق. ألا تـبـاً و تبً ثم تباً و تبا.

لعمري: فإن في اليقين بين الوجود و الحـقـيـقـة يـقـبـع الـقـدر الآتي لا مـفـرَّ مـنـه - ذلك اليقين الراسخ الوحيد في الحياة و هو أن كل أمر إلى انقضاء و أن آخرها المـوت و الـبـعـث و الـنـشـور. تالله - سيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. 

إ نـ تـ هـ ى

22 June 2021

يا أمةً ضحكت من جهلها الأمم ..

يؤلمني كما الكثيرين أن العرب - أمة القرآن - ما عادت تتكلم و تكتب العربية لغة السماء. و الداء الأمر أن آباء و أمهات يعرب - العراقيين - ما عاد لهم ديدن سوى التناحر في بدع الفرس حتى تفشت الأمية و أصبحت المدارس تعلم العويل و اللطم و النحيب و شق الجيوب و ضرب الصدور. موضوع ذو شجن لست أزمع الخوض فيه، فعودا بي لمرادي من المنشور و هو مبادؤُ الإملاء.

حديثي اليوم، معتذرا فيه لجملة الأخوات و الإخوة أصحاب العلم، أقول أن حديثي اليوم هو عن ياء المخاطب المؤنث و هو ما أكره بشدة في جملة ما ينشر و إليكم السؤال:
متى تكتب ياء المؤنث، ومتى تستبدل بالكسر و لمَ؟ فهل نكتب ( أنتي ) أم ( أنتِ )؟ وهل هي ( عليكي ) أم ( عليكِ ) ؟ و هل نكتب ( كيف حالكي ) أم ( كيف حالكِ ) ؟
فلنبتدئ:
لا تكتب (ياء المخاطبة ) إلا في ثلاثة مواضع فقط لا رابع لها:
أولها : في فعل الأمر و أمثلتها إلعبي و اقرأي و اكتبي و حافظي و تدلعي و تدللي و تغنجي و هلم جراً من أفعال الأمر المؤنثة
ثانيها: في الفعل المضارع متبوعة بنون الأفعال الخمسة في حال الرفع و أمثلتها: تلعبينَ و تقرأينَ و تكتبينَ و تحافظين و تتدلعينَ و تتدللينَ و تتغنجينَ و هلم جراً من أفعال المضارعة المؤنثة من وزن الأفعال الخمسة.
ثالثا و أخيرا لا آخرا: حين تسبق هذه الأفعال إحدى أدوات النصب ( مثلا إن و أخواتها) أو الجزم ( مثلا لم و لا و لن و لام الأمر ) فتكون علامة نصبها هي حذف النون، و أمثلتها: لم تلعبي و لن تفعلي و لا تكذبي و لتحافظي و لتتدللي و لتتغنجي و لتتدلعي.
ما خلا ذلك، فهي تستبدل بالكسر في الحالات التالية:
أولا : في الفعل الماضي و أمثلتها: تغنجتِ و تدللتِ و تدلعتِ
ثانياً: في كاف المخاطبة في الأسماء والأفعال والحروف و أمثلتها في الأسماء: دلالكِ و غنجكِ و دلعكِ و جمالكِ و وقاركِ و حشمتكِ و هلم جرا و في الحروف: إليكِ و منكِ و فيكِ و بكِ و لكِ معكِ و عليكِ و هلم جراً
ثالثا: في ضمير المخاطبة و مثاله: أنتِ
و جاء دوري أسألكم: لماذا كتبت "مبادؤ" عوضا عن مبادئ و هل أخطأت؟
كل الود و المحبة و الإعتزاز بقواريرنا العزيزات أمهات و أخوات و بنات و زوجات و زميلات، أوصى بالرفق بهن سيد الخلق.
إ نـ تـ هـ ىـ

07 May 2021

"Black lives matter" !!

"When the missionaries came to Africa, they had the Bible and we had the land. They said “let us close our eyes and pray.” When we opened them, we had the Bible, and they had the land" - Desmond Tutu, late Archbishop of Cape Town.


Here, this legend of a man is referring to the Protestant missions, the first of which was lead by a man named George Schmidt in July of 1737, in Zoetemelksvlei; started by converting members of the Khoi-Khoi tribe. For those who don't know, Zoetemelksvlei became THE first prominent site for one of the largest British concentration camps in South Africa in 1900.

Viz-á-viz the actions of Arabs and Muslims who sheltered endless persecuted Jews, particularly from Europe, throughout the 15 - turn of the 20th century, let alone the indigenous citizens from just about every religious and racial walk of life, living harmoniously in Arabia in places like the Fertile Crescent, prominent of most in Iraq, and so forth.

And then, the Brits and their abortive creations in Palestine and the US dare lecture us about human rights, respecting "life" and respecting the beliefs of others. And then suddenly "black lives matter" - a motto who's very underline is racist to the core.

Bah Humbug !!

Q E D

22 December 2020

أمانٍ و وعـيـد

من مأثور تراثنا الشعبي جذر سومري في أغنية يغنيها الأطفال عند خسوف القمر و مَـن مِـن العراقيين لا يعرفها؟ توسل و وعـيـد طـفـل نشأ من رحم النار بين ربوع الرافدين و الخضرة و ما كان من أمر الفراتين من سـهـول الأحواز حتى هـظـاب الأناضـول، يـحتـضـن اللهب المستعر بين كفيه، و هو يـتصـيـد الشبوط و القطان على الضفتين.

 يا حـوتـة يا منـحـوتـة، رجعي گمرنا العالي !

خـمـسـة عـقـود عُـمـراً .. كل يوم فيها حياة في البرزخ في الأرض الحرام ما بين الماء و بين النار، لا يـطـفـؤ رذاذ الشـطـآنِ لـهـيـبهـا المـسـتـعـرَ أواراً - تـمـوز واللَّـهـبُ الآتي يـلـثـم خـديـهِ طـفـلاً يـصـارع الأيام يـتَـقـفَّـزُ عـلـى صفحـة الماءِ مـسـيـحـاً بارعَ الـخـطـوات و أصـوات كل الأمهات تناديه: ديـر بالَك !

قِـسـمَـةٌ مـكـتـوبـة أن تـغـوص كلُّ شـبـاكـه الـى الـقـاعِ حـيـث لا مـؤونـةٌ ولا حـيـتـان - لقد رحلت إلى غير رجـعـة صـوب المسـتـنـقـعـات الآسـنـة المـمـيـتـة في أرض المـجـوس الـغـبراء. يسميها الآخر حضارة و إنـفـتـاحا و هو لا يدري أنـه فـريـستـهـا طـال الـزمان أم قـصـرت دقـات ثـوانـيـه.

لقـد إبـتـلـعـت أجوافها الـنـتـنـة الممـيـتـة كل إلٰهات العراقـيـيـن و عـشـتار أسيرة تجـرُ أذيال الـخـزي و هي تمشي الهوينا صامتة مـحـنـيـة الـرأس. كاهـنـاتـهـا يـرقـصـنَ سَـكـراً و رذيـلـة. ضـحـكاتـهـنَّ الـهـسـتـيـرية من لـهـبِ مـبـخـرة زرادشت الغاشم يـشتـرينها بالـنـفـيـس الغالي و عـلـى رأس موكـبـهـا المـلـعـون رأس ألـعن مـنـه - خـنـبابا الـغـدر يـدق رأس أنـكـيـدو دفـاً شـيـطانـيـا - إنـه أبـوهـن مقـصـوفٌ بـمـا ربَّى مـلـعـونٌ بـما كـسب مـوعـودٌ يـقيـنـاً بـمـا يـنـتـضـره فـي وادي سـقـر الـجـهـنَّـمـي.

لملم شباكك يا ولد: لقد رفـعـتِ الأقـلام و جـفَّـت الصـحـف إلـى يـوم البـعـث و الـنـشـور. 

و إن چان مـتـرجـعـيـنـه ؟! نـضـربـچ بـسـچـيـنـه !!

إنـ تـ هـ ـى.

09 August 2020

أنت الأنت

 أتمثل وجهك لما أتصوره

أخشى أني لا أعرفه

أتخوف شكي أني لا أعرفه،
بين زحام الناس،

و أراجع نفسي:

ماذا لو أنك تمر الآنَ

و لا أعرف أنك أنت ؟!

...

آه !

** (الراحل / عبد السلام إبراهيم ناجي)


و تدق تدق خطاي تبحث عنك ..


تعرف قطعاً أنك أنت ..
حين تمر بين زحام الناس ..

و أدري أنك أنت الأنت !!

و تنكرني ...

تسرع خطواتك تمرقني ..

بين الماء و بين النار

و بين الحق الماثل بين الأنت الماضي

و الأنت الحاضر الغائب يا نائي ..

أتساءل .. أتزبد، أرعد مثل الإعصار:

ماذا لو أني ألمحك بين زحام العمر

و لا تعرف أني أنا،

و أعرف أنك أنت الأنت؟!

(المعارضة / أحمد عبد السلام / ألانيا / صيف 2020)


ترى أبتي، إكتتبنا أنت و أنا أن تمر كل سفن السفانة تقف عند شواطينا، تقصد وجهتها و تضيع سنين العمر منا حيث نحن الإستراحة و المحطة المجهولة ليهنأ غيرنا و نظل نحسب الساعات سنينا حيث لا مثوى لنا إلا وحشة القبر لعلها راحة؟


لقد علمت ما كنت تلقى .. و تعلم أنت الآن في مثواك الرحيب ما تقاسي روحي الثكلى و ليس لها إلاك تشكو اليه بثها، حين تعلو الإبتسامة على الوجه قسرا و تعرف صغيرتي ريما أنها رغما عني و تأتي تأخذ أباها في حضنها تواسيه رغم عناده أن لا شيئ في الروح يؤذيه و هي تعلم و تقول لي بكل صدق الطفولة و ذكائِها القادحِ هي، تلاعبني شفتاها و تقولان لي أنني أكذب.


الى لقاء يا شقيق الروح .. فربما يجمعنا في البرزخ كانون عليه كوز قهوة حطبه أمانينا نتحدث فيها و ننظر عن علو الى سفنهم و تحفهم روحينا أماناً و سلاماً و إبتساما.


إنتهى.

09 November 2019

معارضة

كابوسٌ كان و قد فلتت من قبضة رعبه أجفاني
إذ أنت تروح و لا تصل من تكة خطوك أحزاني
يا خيبة روحي و مأتمها إذ أنت تقهقه لهيان
فلتهوي الزهرة و مشرقها من أم الغيم و صعقان
تذكرني يوما ما تصل من لبة جوفك نيران
برهان القول و محكمه ما أنت تروم و تختان

أحمد الألوسي / خريف 2019 / لندن

23 July 2019

كابوس

أيقظني طيف أفزعني من نوم الموتى صحّاني
لو أنَّك في الزحمة تلمحُ ني الحاظُك تخجل تلقاني
يرعبني منك و ينظرني شبحٌ في بعدك أبكاني
في زهوك أنت و في غنج سَكرانُ الوجدِ و ثَملانِ
و الكوكب يشرِق طَلعَتَهُ في مجرى خطوِكَ يَسْلاني
لو أنَّك في غَمَرةِ بَهجَتِه مَسروعُ الخطو و جَهْلانِ
مهيوب الطلعة مُشرِقَها مفتونُ القلبُ و هَيمانِ
لو أنَّك في المشرق يُمسِكُهُ زُنارُ الخِصرِ و رَهفانِ
مبتور الكفِّ محرَّقُهُ من ضَمَّكَّ طوعاً جَهْمانِ
بُركانُ الرّوحِ و مارِدُها قَد يَهدِم رَدماً مَتْنانِ
لا مرَّت لمسةُ إصبَعِهِ مَبتورُ الكفِّ و عَفيانِ
لا غيري كان ولا يَصلُ من شعرك بُعداً أكوانِ
فلتغلي الأرض و تنطبق من باب الشِعرى ميدان
لو أني مت و من ظمأي أستجدي الشربة عطشان
لا سكب الله بها بَرَداً ما زالت عطشى بستاني
مَمْلوحُ الوجه مخمَّرُهُ خَسرانُ الرّوحِ وضمآنِ
يا ضلمة شمسي و مخسفِها و موتُ الأرضِ و نَعشانِ
قد تفتأ تمشي وتَلتَفِتُ و يُحرِقُ جُحْدُكَ وِجداني
كابوسٌ كان و ما فَتَحَتْ من ظُلمَةِ رُعبِهِ أجفاني

أحمد الألوسي / صيف 2019 / لندن