Pages

22 December 2020

أمانٍ و وعـيـد

من مأثور تراثنا الشعبي جذر سومري في أغنية يغنيها الأطفال عند خسوف القمر و مَـن مِـن العراقيين لا يعرفها؟ توسل و وعـيـد طـفـل نشأ من رحم النار بين ربوع الرافدين و الخضرة و ما كان من أمر الفراتين من سـهـول الأحواز حتى هـظـاب الأناضـول، يـحتـضـن اللهب المستعر بين كفيه، و هو يـتصـيـد الشبوط و القطان على الضفتين.

 يا حـوتـة يا منـحـوتـة، رجعي گمرنا العالي !

خـمـسـة عـقـود عُـمـراً .. كل يوم فيها حياة في البرزخ في الأرض الحرام ما بين الماء و بين النار، لا يـطـفـؤ رذاذ الشـطـآنِ لـهـيـبهـا المـسـتـعـرَ أواراً - تـمـوز واللَّـهـبُ الآتي يـلـثـم خـديـهِ طـفـلاً يـصـارع الأيام يـتَـقـفَّـزُ عـلـى صفحـة الماءِ مـسـيـحـاً بارعَ الـخـطـوات و أصـوات كل الأمهات تناديه: ديـر بالَك !

قِـسـمَـةٌ مـكـتـوبـة أن تـغـوص كلُّ شـبـاكـه الـى الـقـاعِ حـيـث لا مـؤونـةٌ ولا حـيـتـان - لقد رحلت إلى غير رجـعـة صـوب المسـتـنـقـعـات الآسـنـة المـمـيـتـة في أرض المـجـوس الـغـبراء. يسميها الآخر حضارة و إنـفـتـاحا و هو لا يدري أنـه فـريـستـهـا طـال الـزمان أم قـصـرت دقـات ثـوانـيـه.

لقـد إبـتـلـعـت أجوافها الـنـتـنـة الممـيـتـة كل إلٰهات العراقـيـيـن و عـشـتار أسيرة تجـرُ أذيال الـخـزي و هي تمشي الهوينا صامتة مـحـنـيـة الـرأس. كاهـنـاتـهـا يـرقـصـنَ سَـكـراً و رذيـلـة. ضـحـكاتـهـنَّ الـهـسـتـيـرية من لـهـبِ مـبـخـرة زرادشت الغاشم يـشتـرينها بالـنـفـيـس الغالي و عـلـى رأس موكـبـهـا المـلـعـون رأس ألـعن مـنـه - خـنـبابا الـغـدر يـدق رأس أنـكـيـدو دفـاً شـيـطانـيـا - إنـه أبـوهـن مقـصـوفٌ بـمـا ربَّى مـلـعـونٌ بـما كـسب مـوعـودٌ يـقيـنـاً بـمـا يـنـتـضـره فـي وادي سـقـر الـجـهـنَّـمـي.

لملم شباكك يا ولد: لقد رفـعـتِ الأقـلام و جـفَّـت الصـحـف إلـى يـوم البـعـث و الـنـشـور. 

و إن چان مـتـرجـعـيـنـه ؟! نـضـربـچ بـسـچـيـنـه !!

إنـ تـ هـ ـى.

09 August 2020

أنت الأنت

 أتمثل وجهك لما أتصوره

أخشى أني لا أعرفه

أتخوف شكي أني لا أعرفه،
بين زحام الناس،

و أراجع نفسي:

ماذا لو أنك تمر الآنَ

و لا أعرف أنك أنت ؟!

...

آه !

** (الراحل / عبد السلام إبراهيم ناجي)


و تدق تدق خطاي تبحث عنك ..


تعرف قطعاً أنك أنت ..
حين تمر بين زحام الناس ..

و أدري أنك أنت الأنت !!

و تنكرني ...

تسرع خطواتك تمرقني ..

بين الماء و بين النار

و بين الحق الماثل بين الأنت الماضي

و الأنت الحاضر الغائب يا نائي ..

أتساءل .. أتزبد، أرعد مثل الإعصار:

ماذا لو أني ألمحك بين زحام العمر

و لا تعرف أني أنا،

و أعرف أنك أنت الأنت؟!

(المعارضة / أحمد عبد السلام / ألانيا / صيف 2020)


ترى أبتي، إكتتبنا أنت و أنا أن تمر كل سفن السفانة تقف عند شواطينا، تقصد وجهتها و تضيع سنين العمر منا حيث نحن الإستراحة و المحطة المجهولة ليهنأ غيرنا و نظل نحسب الساعات سنينا حيث لا مثوى لنا إلا وحشة القبر لعلها راحة؟


لقد علمت ما كنت تلقى .. و تعلم أنت الآن في مثواك الرحيب ما تقاسي روحي الثكلى و ليس لها إلاك تشكو اليه بثها، حين تعلو الإبتسامة على الوجه قسرا و تعرف صغيرتي ريما أنها رغما عني و تأتي تأخذ أباها في حضنها تواسيه رغم عناده أن لا شيئ في الروح يؤذيه و هي تعلم و تقول لي بكل صدق الطفولة و ذكائِها القادحِ هي، تلاعبني شفتاها و تقولان لي أنني أكذب.


الى لقاء يا شقيق الروح .. فربما يجمعنا في البرزخ كانون عليه كوز قهوة حطبه أمانينا نتحدث فيها و ننظر عن علو الى سفنهم و تحفهم روحينا أماناً و سلاماً و إبتساما.


إنتهى.