Pages

14 December 2018

يا من ..

يا من يعاتبني و ينكرني حذرا و إن طريقنا الحذر
بيني و بينك ليس من عتب  حييت تنكرني و تعتذر
**
بيني و بينك ليس من عتب فأنت تعلم وأنا أعلم على ما جرى الماء و أين وقع النقع.  لك ما تريد و ما تنوي و لكل إمرؤ ما نوى.  و أما إن أتتك مذمتي من ناقص، فهي الشهادة لي بأني كامل - فالناس تدري  و رب الناس لا تخفى عليه باطنة الأنفس و هو يدري ما في نفسك و نفسي و النفوس الرديئة القذرة.

إنتهى.

13 December 2018

دعوة

ربي اكفني شر أصدقائي و أما أعدائي فأنا لهم بالمرصاد.

إنتهى.

06 December 2018

شهادة

تحولت الإنترنت اليوم من وليد مدلل جميل نشأ في ربوع الأكاديمية العلمية و ترعرع على أذرع أهله و ذويه ليكون آلة للعلم و المعرفة إلى غابة مخيفة مليئة بشتى أنواع الظلمات و الضباع و الحشرات المميتة و أصبح على مرتادها أن يكون بعدة و أسلحة و دروع كافية ليتمكن من الولوج فيها و الوصول إلى فسحات تدر عليه دنانير المتنبي من بين أوراق الشجر الوارفة.

شاهد الحديث كل الإعلانات و النفايات، أجلكم الله، ترمى علينا فيما نحن نسير في الدرب، كل يريد غايته حقا كانت أو باطلا؛ و اليوم، ظهر إعلان على الشاشة من غير سبق إنذار و لا ترحيب، فيما أنا أبحث عن كتاب إلكتروني معين، فحواه الآتي (و سأسرد الكلام بلغته الإنكليزية الأصلية):

"I would like to meet a man who is willing to "build a life" / discover the world together and to fully enjoy the journey. That does´t mean marriage or compromising in any way"

هو إعلان يشجع على "التعارف" بغرض "العلاقات طويلة الأمد"؛ و في حين أنني شأني شأن الكثيرين، أغلق هذه الإعلانات و معها لعنات لا تنتهي، فقد جذب إنتباهي ما كتب فيه بحيث قرأته كله و قد سطر على لسان فتاة وهمية و صورة تحتها مكررة ملايين المرات في إعلانات مختلفة لحسناء تخطف قلب المتفرج التافه.

ما استوقفني هو الكلام و مغزاه و كيف أن الفكر الذي يروج له هو بالضبط حال مجمل النساء من أجيال منتصف الثمانينات و التسعينات - جيل الألفية كما يحلو للمتفيهقة أن ينعتونهم.

تريد هذه الإفتراضية رجلا يريد أن "يبني حياة" معها، بيد أن ذلك لا يعني الزواج الذي يساوي عندها تهاونا في المبادئ، و  الحقيقة أن ما كتب هنا هو بالصميم و هو بالذات الداء الذي روجت له المؤسسة الماسونية التي تحافظ على كيانات أسرها باستماتة، فيما هي تعمل بكل خُبثِ و لُؤم الّلا مبالي على هدم كيانات الأسر و المجتمعات في العالم بأسره. و لأن زواج رجل بامرأة يؤسس لبناء أسرة نظيفة، و لأن كائن الرجل هو بالتعريف و الضرورة فارغ من أي فحوى تذكر في بناء أسرة لوحده، و لأن هذه هي صنعة و مهارة و هبة تمتلكها المرأة وحدها و تحتاج لرجل كيما يؤدي إليها عنصر التفاعل البالغ الخطورة، فتصنع منه دارا و أسرة و مجتمعا و شعبا بشكل لا تقدر عليه إلا إمرأة، فإذا كان الهجوم على هوية المرأة و على تطلعاتها و بالتالي على فكرة الأسرة من الأساس و من الجذر.

المرير في الأمر أن القوم قد بلغوا ما أرادوا بنجاح ساحق على مستوى العالم بأسره، و تُركت مَعاشِر الرجال و النساء تتخبط تبحث عن هوية و عن جذور و عن أجوبة في الإلحاد و الزندقة و السفسطة الفارغة و الانحراف الخلقي و الأخلاقي و الجنسي - عفوا، نسيت أن أسميه "المثلية"، أولسنا في عالم المساواة الوهمي نلف و ندور؟! ترى مساواة من بمن و لصالح من؟!

أدلتي و شواهدي تطول و هي لا تخفى على أبسط الناس و من يعرفني منكم يعلم فوق كل ذلك أنني أتحدث بسلطة المجرب الأحكم من الحكيم ليس فقط في تَجرِبَتَي زواج، و إنما بأكثر منها صاعقة و بلاء و مرارة.

و الله إنني على يقين تام غير متزعزع أن هذا العصر عصر مظلم و نحن عليه شهود قسرا و فعلا، و أن لا جلاءَ لظُلمتِهِ ما لم يَثُر عليه الأحرار يقتلعون جذر شجرة الزقوم من أصولها. أو أن تقوم الساعة!

إنتهى.

05 December 2018

لما عجز الكلام

حال صعب أن يعجز إنسان عن الكلام و لا يجد ملجأ في كل معاجم اللغة و هو أمها و أبوها و ابن أمها و أبيها أبا عن أجداد. و أصعب منه الأنين المستمر الذي لا يريد أن يصمت و الجمر الأحمر القاني الذي لا يريد أن يهفت أواره.

ألمسها كل ليلة كيما أنام و أصابعي محروقات بالسعير المستمر يقين البائس الذي يجد في بؤسه و شقائه أفيون لحظته و ساعته.

إن كنت تقرأين، فأنت تعلمين بالضبط ما أعني و ما أعاني - لم أحتج و لا لحظة أن أتفوه بكلمة لتفهمي ما أقول - و بعض من شقائي تقاسينه كما أقاسي، جاهدة ما حاولت تخفينه أو حتى أن تمارسي خداع الذات بأنك شريت ما كان بيننا بثمن بخس بائس إرضاء لكفة الميزان الهشة حتى تصير راجحة و أنت فيها. أو أنك أصلا أشد ألما مني - و ليكن لك ما تريدين فليس يغير أيا من هذه الأشياء من الأمر و لا قيد أنملة.  و إن كنت لا تدرين أو لا تريدين أن تدرين مغالطة، فالداء أشد فتكا و مرارة.

هذا ما أنا فيه و لا أدري أين أنت مكانا و ليس يهمني لأنك في لب الروح و سويداء الفؤاد. لهيب الضلوع و ألم العمر صرت أنت و كأنني كان يجب أن أتعلم أن هناك ما هو أمر و أقسى مما أحمل فحملني دهري موتا فوق كل الهموم. و ما كان بالحسبان أن تتكسر عندك كل صواريَّ التي عصت على عاصفات الدهر - عصت على من قبلك و كانت هي ال "هي" و على كل مرارات الدنيا و أحزانها أحملها مذ كنت إبن السبع سنين، و هاهي مكسورة مبعثرة على فيروزات شاطئك: مسألة وقت أنها تصبح هباء تذروه الرياح.

في هاجس أن ما حصل ما كان ليحدث لولا ظهر يوم شيطاني ما لاقى خطاك خطاها. لا يهم، فليس لنا نغير في برزخ الزمكان و لا حبة خردل عن مساره المقرر له و كلانا مشاه كما كان مقدرا له أن يمشيه. خطته مشيئة بارئه الذي علمك المعلم أن تكفريه و تهزئيه و ها هو في كل لحظة يضحك منك بي و يتجسد تدركه الروح و القلب و لا يراه البصر.

إنا له و إنا له راجعون رغما عن كل التفاهات و الفلسفة التي ترددين مما علمك بكل وفاء. نلتقي فيجتمع المشكو و الشاكي و الدين و ماطله. ترى في أي زاوية يهرب مني من أشكو يومها حين لا مناص؟ عندي يقين المسلم المستسلم و إليه فوضت أمري فيه و إليه أنيب و إليه أشكو بثي و حزني فهو حسبي و نعم الوكيل في كل من دق فينا إسفينا و خلع من روحي شقها ثم تركني لا ميتا و لا أقوى على الحياة.

لم أجد ملجأ إلا إهتزاز الوتر يرتجف كما الأذين كلما مر منك خاطر أو صورة أو ذكرى و ما أكثرها. لا أحتاج أكثر من أنظر في كل زاوية في حياتي لأجدك واقفة أمامي تنظرين بصمت أعلم منه كل حرف فيه بالحذافير.

إسم المقطوعة "حزن" و يا لها من اسم تلبس مسمى.




إنتهى.

مرض إسمه هي



و لست على عجلة و لا أريد أن أشفى منه .. أخشى أنني إن برأت منها أبرأ من العمر و ما فيه و تكون فعلا ساعتها نهايتي.

إنتهى.

04 December 2018

فساد الرأي

أبو جعفر المنصور رحمه الله؛ شيد بغداد الدنيا و أقسم أن لا يدع للمجوس من يد في ولاية في أرض المسلمين فكان بحق المؤسس الحقيقي للدولة العباسية.


لم يتزوج إلا بواحدة لما منعه الإمام الأعظم أبو حنيفة النعمان من الزواج بجارية فتية ذات جمال خلاب عندما اشتكت زوجته أم موسى بنت منصور الحميرية أنه يريد الزواج بالثانية فيهجر مضجعها هي لولعه بالأخيرة فكان لما أراد النصيحة الحق أمر بالمجيء بأبي حنيفة من سجنه - حيث كان قد سجنه لعدم قبوله بمنصب قاضي القضاة خوفا من حمل الآخرة - طلبه و قال للمنافقين من مستشاريه الذين أشاروا عليه بالزواج بأن لا أحد سوى أبي حنيفة يفتيه في هذا الأمر نزيها - فسمع أبو حنيفة قول أم موسى لوحدها و سأله: لم تريد الزواج و ما شأنك بعد زواجك؟ فأجاب بولعه بالأخيرة و أنه يجدها ودودا، ولودا محبوبة لديه، فما كان رد أبي حنيفة أنه محرم عليه الزواج بالأخرى لأن شرط ذلك العدل في كل شيء بين الاثنتين و هو بكل دليل سوف لن يعدل و قضي الأمر.

ذكرتني به المساجلة المشهورة بينه و بين ابن عمه عيسى ابن موسى حين كتب للمنصور:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا رويّـة *** فإن فساد الرأي أن تتعجلا

فرد عليه المنصور:

إذا كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة *** فإن فساد الرأي أن تترددا
ولا تمهل الأعداء يومًا بغُدوة *** وبادرهم أن يملكوا مثلها غددا

و عندي ذلك هو فصل الخطاب.

يعول الناس كثيرا على الإستشارة و ذلك أمر في عين الحقيقة و الصواب؛ و لكن من الحيف و رداءة الرأي و الفعل أن تحل المشورة محل العزم و الثقة بالنفس المعجونة بالحكمة و ريازة الأمور كما ينبغي فيقضي فلان أو تقضي فلتانة على فرص الحياة التي لا تتكرر ليس إلا لإتباعهم مشورة مغلوطة، أيا كان دافع صاحبها، و دليل الأمر الخليفة المنصور رحمه الله إذ قضى على دابر فتنة المقبور أبو مسلم الخراساني عن بكرة أبيها و كانت العزة لله و لجنده و أهل الدار لا الدخيل والغريب، من غير أن ينقص ذلك من أجر عيسى ابن موسى بشيء و هو المشهور بشيخ الدولة آنذاك.

للمستشار مسؤولية جمة خطيرة جدا قلما يدركها أي منا و نحن نسدي بالنصح و المشورة لمن نحب، و في الطريق نجعل لمشاعرنا و آرائنا فيما نسأل عنه طريقا إلى الهاوية و النهاية التي تتسبب بتعاسة من نحب و نحن نحسب أننا بفعلتنا هذه نصنع في أمرهم معروفا.

قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُم بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا (104) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (قرآن كريم)
--
إنتهى.